الكلام في ماهية الحب:
(( الحب _ أعزك الله _ أوله هزل وآخره جد . دقت معانيها لجلالتها عن أن توصف , فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة , وليس بمنكر في الديانة , ولا بمحظور في الشريعة .
وقد اختلف الناس في ماهيته وقالوا وأطالوا , والذي أذهب إليه أنه اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليفة في أصل عنصرها الرفيع .
وقد علمناأن سر التمازج والتباين في المخلوقات إنما هو الاتصال والانفصال , والشكل دأباً يستدعي شكله , والمثل إلى مثله ساكن , وللمجانسة عمل محسوس , وتأثير مشاهد , والتنافر في الأضداد , والموافقة في الأنداد , والنزاع فيما تشابه موجود فيما بيننا .
ولو كان علّةُ الحب حسن الصورة الجسدية لوجب الأيستحسن الأنقص من الصورة , ونحن نجد كثيراً ممن يؤثر الأدنى ويعلم فضل غيره , ولا يجد محيداً لقلبه عنه , ولو كان للموافقة في الأخلاق لما أحب المرء من لايساعده ولايوافقه .
ومما يؤكد هذا القول أننا علمنا أن المحبة ضروب : فأفضلها محبة المتاحبين في الله عز وجل , إما لاجتهاد في العمل, وإما لاتفاق في أصل النحًلة والمذهب , وإما لفضل علة يمنحه الإنسان , ومحبة القرابة , ومحبة الأشتراك في المطالب , ومحبة التصاحب والمعرفة , ومحبة البر يضعه المرء عند أخيه ومحبة الطمع جاه المحبوب..........
وكل هذه الأجناس منقضية مع انقضاء عللها , زائدة بزيادتها , وناقصة بنقصانها , متأكدة بدنوها , فاترة ببعدها , حاشى محبة العشق الصحيح المُمكن من النفس , فهي التي لافناء لها إلا بالموت.